الأنظار تتجه نحو الفدرالي: آراء منقسمة وسياسة مستقرة

تركز الأسواق اليوم بشكل كبير على نتائج اجتماع السياسة النقدية الذي يعقده مجلس الاحتياطي الفدرالي على مدى يومين، والمقرر أن يُختتم في وقت لاحق من اليوم. وعلى الرغم من تزايد التوقعات بخفض محتمل في أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا العام، فإن التوقع السائد هو أن لجنة السوق المفتوحة الفدرالية (FOMC) ستحافظ على سعر الفائدة الأساسي من دون تغيير في نطاق 4.25%–4.50%، وذلك للمرة الخامسة على التوالي.
لكن هذا الاجتماع بعيد كل البعد عن كونه روتينيًا. فالمستثمرون يراقبون بدقة كل كلمة تصدر عن الفدرالي، مع تصاعد حساسية الأسواق وسط مشهد اقتصادي معقد يتسم بإشارات تضخم متباينة، وتغيرات في الديناميكيات التجارية، وضغوط سياسية. وسيتم تحليل نبرة وعبارات بيان السياسة اليوم ومؤتمر باول الصحفي بدقة بحثًا عن أي إشارات بشأن الخطوة المقبلة للفدرالي، بخاصة مع اقتراب اجتماع سبتمبر.
المحاور الرئيسية والتوقعات:
لجنة منقسمة، لكن السياسة ثابتة (حتى الآن)
ما زالت اللجنة الفدرالية منقسمة داخليًا. فقد عبّر بعض الأعضاء، لا سيما كريس والر وميشيل بومان، عن دعمهم لخفض فوري في سعر الفائدة. ومع ذلك، من المتوقع أن تصوت الأغلبية الواضحة لصالح الإبقاء على السياسة الحالية من دون تغيير. وإذا ما سجل والر وبومان اعتراضهما رسميًا، فستكون هذه أول مرة يختلف فيها اثنان من أعضاء مجلس المحافظين على القرار ذاته منذ العام 1993، وهو حدث نادر لكنه مهم.
يعكس هذا الانقسام الداخلي تفسيرات متباينة للبيانات الاقتصادية الأخيرة: فبينما يرى البعض تباطؤ نمو الوظائف وتراجع التضخم كمبررات للتيسير، لا يزال آخرون يشعرون بالقلق من أن التضخم لا يزال مرتفعًا للغاية لتبرير خفض الفائدة.
إشارات التضخم وحساسية البيانات
التضخم لا يزال القضية المركزية. بيانات مؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي الأساسي، المقرر صدورها غدًا، من المتوقع أن تكون قوية، ما يعزز موقف الفدرالي الحذر. وبالمثل، من المتوقع أن يُظهر تقرير الوظائف لشهر يوليو، المنتظر صدوره يوم الجمعة، قوة في سوق العمل، ما قد يقلل من الحاجة إلى تخفيف فوري.
وعلى الرغم من بدء ظهور آثار الرسوم الجمركية في أسعار السلع المستوردة (وبخاصة الملابس والأثاث والإلكترونيات)، لا يزال التضخم في الفئات الأقل تعرضًا محدودًا. بعض المسؤولين يحذرون من إمكانية انتقال التضخم إلى نطاق أوسع، في حين يرى آخرون أن التأثيرات طويلة الأمد من الرسوم الجمركية ستكون محدودة. هذه الرؤية المتوازنة تعزز من تمسك الفدرالي بسياسة “الانتظار والمراقبة”.
ما الذي يجب مراقبته في البيان
لغة بيان اللجنة ستوفر مؤشرات حاسمة. ما لم يحدث تغيير كبير في النبرة، من المتوقع أن يقوم الفدرالي بـ:
الإبقاء على وصف سوق العمل بأنه “قوي”، أي تليين في هذا الوصف سيكون إشارة دافعة للتيسير.
الاستمرار في الإشارة إلى نمو اقتصادي “قوي”، مدعوم ببيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني (المتوقعة عند 2.9%)، والتي تستند بشكل كبير إلى صافي الصادرات.
الإقرار ربما بانخفاض حالة عدم اليقين بعد التقدم في التشريعات والاتفاقات التجارية، وهو ما سيُفسر على أنه نبرة متشددة.
أما التحول نحو لهجة أكثر تيسيرية، فقد يتضمن تعديلات دقيقة مثل وصف النمو بأنه “معتدل لكنه لا يزال قويًا” أو الإشارة إلى أن “ظروف العمل قد خفّت بشكل عام”. لكن لا يُتوقع إجراء مثل هذه التعديلات في هذه المرحلة.
مؤتمر باول الصحافي، الحدث الأبرز
من المتوقع أن يؤكد جيروم باول أن الفدرالي ليس في عجلة من أمره لخفض الفائدة، مشددًا على الاعتماد على البيانات. ومع ذلك، قد يوجه الأسواق نحو التركيز على البيانات المقبلة في أغسطس وسبتمبر، بخاصة تقريري مؤشر أسعار المستهلك (CPI) المقبلين، كمحركات محتملة لتحول السياسة النقدية في اجتماع سبتمبر.
وعلى الرغم من أن باول من غير المرجح أن يُلمّح صراحةً إلى خفض الفائدة اليوم، فإن أي ذكر لتباطؤ في نمو الوظائف أو مخاطر تجارية يمكن أن يُفسر على أنه تمهيد لتغيير محتمل في الخريف.
الضغوط السياسية واستقلالية الفدرالي
استمرار ضغوط الرئيس ترامب للدفع نحو خفض الفائدة، بل ولقائه الأخير مع باول، أضافت عبئًا سياسيًا. ومع ذلك، من المتوقع أن يتمسك الفدرالي بموقفه المستقل، ويتجنب أي خطوة قد تبدو وكأنها خضوع للضغوط.
ومع ذلك، فإن سيناريو خفض الفائدة في سبتمبر على الرغم من استمرار التضخم قد يُفسر من قبل البعض على أنه نوع من الإرضاء السياسي. وستعتمد ردة فعل السوق على هذا التحول بشكل كبير على كيفية صياغة باول للقرار.
تداعيات السوق
الأسهم: المستثمرون يتخذون مواقع حذرة، مع مكاسب معتدلة بانتظار أي إشارة تيسيرية. أما النتيجة المحايدة أو المتشددة فقد تُثير تقلبات قصيرة المدى.
السندات: الجزء القصير من منحنى العائد لا يزال حساسًا لأي إشارات سياسية. حاليًا، تُسعر الأسواق احتمال خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في سبتمبر بنسبة تقارب 66%.
الدولار: لا يزال الدولار مدعومًا مع تلاشي توقعات التيسير الفوري. أي نبرة متشددة من باول قد تدفع العملة لمزيد من الارتفاع.
الفدرالي يسير على حبل مشدود بين تعزيز مرونة الاقتصاد ومخاطر التضخم المستمرة. من المرجح أن تحافظ قرارات اليوم على الوضع القائم، مع التركيز على كيفية وصف الفدرالي للظروف الاقتصادية وصياغته للتوجيهات المستقبلية. أي مؤشرات على انقسامات داخلية، أو تغييرات دقيقة في اللغة، أو مسارات بيانات تقود نحو التيسير، ستحدد ملامح تحركات السوق في الأسابيع المقبلة.
سنواصل المتابعة الحثيثة مع صدور بيانات اقتصادية مفصلية في وقت لاحق من هذا الأسبوع، التي سيكون لها دور محوري في تشكيل التوقعات قبيل اجتماع الفدرالي في سبتمبر. ترقبوا التحديثات.
بقلم نور الحموري، كبير محللي الأسواق في سكويرد فاينانشيال
نور مستثمر ومحلل للأسواق مستقل ومستشار مالي، يحمل بكالوريوس في علم المالية والمصارف من جامعة عمان الأهلية وشهادة CFTe في الاقتصاد من الاتحاد العالمي للمحللين الفنيين. يتمتع نور بخبرة 15 سنة في الفوركس والأسهم والتطورات الاقتصادية العالمية، بالإضافة إلى تحليل سياسات المصارف المركزية والتحليل ما بين الأسواق المالية. نور يظهر بانتظام على أبرز الشبكات التلفزيونية العالمية، مثل بي بي سي (BBC) والجزيرة، والحرّة، وسي إن بي سي (CNBC) وبلومبرغ (Bloomberg)، في أحاديث وتحاليل وقراءات للأسواق وأحداثها.
رفع المسؤولية: هذا التواصل تسويقي ولا يحتوي، ولا يجب تفسيره على أنه يحتوي على: نصائح استثمارية أو توصيات استثمارية، أو عرض أو التماس لأي معاملات تتصل بالأدوات المالية. لا يُعدُّ الأداء في الماضي ضمانًا أو تنبؤًا بأي أداء مستقبلي. ولا تُعدُّ المعلومات المذكورة هنا توصيةً شخصيةً ولا تُراعي أهدافك الاستثمارية الشخصية، أو استراتيجيات الاستثمار لديك، أو وضعك المالي أو احتياجاتك المالية. لا تُقدم شركة سكويرد فاينانشيال (Squared Financial) ولا تتحمل أي مسؤولية عن دقة المعلومات الواردة أو اكتمالها، أو أي خَسارة ناتجة عن أي استثمار بناءً على توصية أو تنبؤ أو معلومات أخرى تقدمها شركة سكويرد فاينانشيال.
المعلومات الواردة في هذا الموقع غير موجَّهة لأي شخص في أي بلد أو ولاية يكون فيها ذلك النشر أو الاستخدام مخالفًا للقانون أو التنظيمات المحلية